«كان يقول» يختلف عن «قال» أو «يقول» من حيث الدلالة، لأنه يفيد الاستمرار والدوام. وهذا يعني أن الإمام عليهالسلام كان يكرر هذا الكلام. و«اليقظة» هو الإخراج من الغفلة والإيقاظ من النوم. وكلا المعنيين مناسب هنا. فالقلب قبل التفكر غافل، وقبل الإيقاظ نائم. واليقظة يخرجها من الغفلة، ويوقظها من النوم. والنوم، واليقظة، والغفلة، واليقظة، لكل من ملك الجسد وملكات النفس مختلفاً. فقد تكون اليقظة في الطهارة، وتبقى جانب الملك غافلاً، ولكن عين الباطن، والبصيرة، تبقى في نوم ثقيل. وجانب ملكوت النفس في غفلة، ومن دون وعي.
و«التفكر» أعمال الفكر، وهو ترتيب الأمور المعلومة للوصول إلى النتائج المجهولة. فهو أعم من التفكر الذي يعدّ من مقامات السالكين. لأن خواجة الأنصاري⁽¹⁾ يعرفه بقوله: «اعلم أن التفكر تَلمُّح البصيرة في مبادئ الأمور ليُدرك بها غاياتها»، ومعلوم أن متطلبات القلب هي المعارف. ولهذا فإن المراد بـ«التفكر» في هذا الحديث الشريف هو المعنى الخاص الذي يعود إلى القلب وحياتها.
و«القلب» يُطلق باصطلاحات كثيرة: فإذا عُرف عند الأطباء، وعامة الناس، كان المراد منه تلك القطعة من اللحم الصنوبريّة الشكل التي بتقاطرها وانبساطها يجري الدم في الشرائين. ومن ذلك تتولد الروح الحيوانية التي هي بخار لطيف.
وعند الحكماء، يطلق على بعض مقامات النفس. وله عند أصحاب العرفان مقامات ومراتب. يكون التحقيق في بيان هذه المصطلحات خارجاً عن قصدنا.
--------
(١) - الخواجه عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (۳۹۶ - ۴۸۱ هـ) من المحدثين والوعاظ الكبار، ومن مريدي الشيخ أبي الحسن الخرّقاني، خلف عدة مؤلفات، منها: منازل السائرين، زاد العارفين، رسالة دل وجان (فارسي).
--------
القسم العربي، الشؤون الدولية ، كتاب الاربعون حديثاً ، تعريب السيد محمد الغروي، ص ٢١٧.